صيد العنقاء
محمد إقبال
صياغة: حميد العقابي
إهداء
إلى : م. إقبال
عصفورٌ يخطفُ من عينِ النسرِ سماءَه
يعبرُ في السرّ فضاءَه
يثقبُ غيماً
يملأ كأسَه بالنورِ
...........................
...........................
ظلُّ العصفورِ فسيحٌ
لكنْ
ما من أحدٍ يسمعُ في الصمتِ غناءَه
ح.ع
1
يابسٌ خشبُ العود
يابسٌ وترُ العود
ريشةٌ يابسةْ
يا تُرى
كيفَ يأتيكَ صوتُ الحبيب ؟
2
لم تبقَ في الكأسِ ثُمالةْ
ألستَ ساقيَّ ؟
وأني ظامئٌ
إذ لم أنلْ من بحرِكَ الزاخرِ إلا قطرةً
...................
ما أبخلكْ !
3
يومَ الحسابْ
حينَ أرى صحيفتي
أخجلُ منكْ
لكنْ
ألا تخجلُ مني أنت ؟
4
سواءٌ أهزتكَ شكوايَ أم لم تهزْكَ
استمعْ
أنا لا أطلبُ العدلَ منكَ
ولكنْ
قبضةٌ من ترابٍ أنا
كيفَ لي أن أقاومَ عاصفةً ؟
والسماءُ بعيدةْ
فرِحٌ أنتَ بالخلقِ
لكنّ خادمَكَ الآنَ يسألُ :
هل رحمةٌ ؟
أو مكيدةْ ؟
5
بستانٌ لا يكمنُ فيها صيادٌ يترصدُ
لا تخطرُ في ذهنِ مغامِر
وملاكٌ لا يصلُ القمّةَ في جبلِ الحبْ
إذ لا يصلُ القمةَ إلا مَن هو أكثرُ جرأةْ
فامنحْ أجنحةً لفراخِ الشاهينِ وحسبْ
6
( الخُضْرُ )
العارفُ أسرارَ الغيبِ
تلعثمَ،
حارَ أمامَ سؤالِ السمكةْ :
" أينَ الماء ؟ "
7
إسرافيلُ شكاني عند الله :
" هذا العابثُ ينفخُ في الصُوْرْ
قبلَ أوانِ البعث "
ووشى بي آخرُ :
" وقحٌ إقبالُ..
يغيّرُ في كنهِ الأشياء "
8
يذهبُ كلُّ شيءْ
يرحلُ كلُّ كائنٍ
القمرُ،
النجومُ،
والأسماكُ،
والطيورْ
وأنتَ في الميدانِ تبقى واقفاً
يا لَهُ من قُصْرِ نَظَرْ
إلى متى تبقى هنا
عبداً لهذي الأرض ؟
9
كنْ ماهراً
إن تلعبِ النردَ،
الخسارةُ مُرّةٌ
آنَ اجْتماعِ الجهلِ بالحظّ النكِدْ
10
ما ابْنُ آدمْ ؟
أحفنةٌ من هشيمْ
شرارةٌ واحدةٌ تُقضي عَلَيْه ؟
إنْ لم يكنْ في الأرضِ غيرُ الهشيمْ
علامَ قد أضرمتَ بي ناري
وأنتَ العليمْ ؟
.............
أهشّمُ المرمرَ... هذا شرفٌ لي
إنْ أكسرِ الزجاجَ... هذا عار
11
السماءُ مرصّعةٌ بالنجومْ
والمدى رحِبٌ
غيرَ أنَّ المسافرَ ضلّ الطريقْ
12
لستُ كالزهرةِ مرهوناً بكفّ الريحِ
حمّى جسدي
طيشُ جنوني
مزّقا ثوبَ حيائي
13
الوقوفُ مَجازْ
والسكينةُ خادعةٌ
روعةُ الكونِ إذْ يتجددُ في كلّ آنٍ
وقافلةُ الوقتِ سائرةٌ في مدىً لا يُحدُّ
الحياةُ ــ المواتُ
القديمُ ــ الحديثْ
والحقيقةُ سَيْرٌ حثيثْ
نحو قطبينِ مختلفينِ
فذِقْ لذّةَ الثَنَويةِ
لا موتَ للموتِ
طرْ
ترَ أرضاً، تغيّرُ أثوابَها
كلما ظنَّ أحمقُ أن التضاريسَ آيلةٌ للزوالِ
وطرْ دونَ أدنى احترازْ
فالسكينةُ خادعةٌ
والوقوفُ مَجازْ
14
فكرتي ترقى إلى سمْتِ السماءْ
وأنا أحبو على الأرضِ ذليلاً
خائرَ العزمِ
حزينا
كيفَ لا أسْطيعُ تدبيرَ شؤوني ؟
وأنا العارفَ بالسرّ
كما الأبلهُ
أبدو مستكينا
15
قالَ لي الشيطانُ يوماً :
يا ابنَ آدمْ !
إنْ رأيتَ اللهَ في آنِ تجلٍّ، قلْ لَهُ
من أينَ جاءَ الحقدُ هذا
خضّبَ التأريخَ بالدمْ ؟
يا ابنَ آدمْ !
أنا في قلبهِ شوكةْ
وبليدٌ أنتَ، في صمتٍ ترددْ :
" هو ربي
هو ربي
هو ربي "
16
إنْ تخلقِ النهارْ... سأصنعُ المصباحْ
إنْ تخلقِ الطينْ... سأصنعُ الأقداحْ
إنْ تخلقِ الغابةْ... سأزرعُ الكرومْ
إن تخلقِ الحجرْ... سأصنعُ المرآةْ
إنْ تخلقِ السمّ... أستخرجُ الترياقْ
....................
مهمتي : أجمّلُ الطبيعةْ
(*) هامش / توضيح
يقول لي إقبالُ : إن الفكرةَ الحرّةَ شيطانيةٌ
أقولُ : يا إقبالُ !
لولا ( عبقرٌ ) ما كانَ ( عبقريّ )
( ح.ع )
(**) هامش / اعتراض
لم يكنْ يعبدُ ما تصنعهُ كفّاهُ
بل كانَ يرى في الطينِ سرَّ الخلقْ
....................
لم يكنْ يعرفُ إبراهيمُ ما يكتمُ آزر.
( ح.ع )